Wednesday, March 21, 2012

في الطريق

مرة أخري القطار .. مرة أخري السفر .. ما الذي نعمله غير السفر ؟؟ .. الرحلة صعبة .. فليكن .. فلتكن كل الأشياء التي يجب أن تكن .. لتكن الأسئلة .. ما هي الرحلة ؟.. المسافات .. المحطات .. الوقت .. الناس الذين تعرفهم و يعرفونك ؟؟ .. قبل أيام قليلة جلست أمامي سيدة متواضعة الهندام و المظهر.. سألتني عن الشباب الجالس هناك يرتدون زي إحدي الكليات العسكرية .. قالت أن ابنها يريد أن يلتحق بالكلية الحربية .. إنه يدرس بالمرحلة الثانوية لا زال.. و"عنده" أمل .. بان أملها أيضا وجفناها يقتربان تحت ضغط حاجبيها المدققين في توسل : "بعد الثورة بقي المفروض ميكونش فيه واسطة ..ولا إيه ؟" .. استغربت جدا ؟؟ .. كنت سألتها عن سبب رغبته هذه فردت بجملتها هذه..لم أفهم العلاقة بين الجواب والسؤال .. استغربت لبساطتها.. تراجعت قليلا عن تفاؤلها المنبسط لتكسبه لهجة حذرة : "يعني ..  مش زي الأول مش كده؟؟" .. طمأنتها.. تذكرت من أيام أني أحتفظ بشريحة موبايل في عمق أحد الأدراج .. ضاعت شريحتي الأصلية لفترة .. وتذكرت أثناء بحثي قصة هذه الشريحة المنسية .. اشتريتها منذ عام أو يزيد بأشهر قليلة .. دخلت الفتاة اللطيفة يومها السوبرماركت.. عرضت العرض .. شئ ما عن دقائق مجانية و نظام مميز لم أكترث اطلاقا لكلمة عنه أو أعي قولها .. كنت واثقا أني لست بحاجة لخط آخر .. مهما كانت المغريات ..فكنت أتحمل عرضها مبتسما في مجاملة وأنا أنتظر انتهائها لأعتذر بعبارة معتادة لا أتكلف جهدا تحضيرها .. فجأة تدخل صاحب السوبر ماركت " الرجل الكبير الشقي " .. كهل لطيف اللسان لا أعرف مزاحه من جده.. فوجئت به يوجهني للشراء .. يشاركها عرض السلعة .. قال: "أنا اشتريت و الله خطوط كتير من زمان .. لولا كده كنت اشتريت من الآنسة .. . والله لتشتري .. دا كويس جدا".. أخذ يلمح  إلي المجهود الذي تقوم به الآنسة ..قال أن أي شخص هو الرابح من مثل هذا العرض.. نظرت للفتاة مرة أخري .. راجعت الحوار و النظرات و الهفوات و اللمحات .. تتحدث بالطريقة التي يتحدث بها أي مندوب لأي جهة يبيع أو يسوق شيئا ..لم تخل ملامحها من مرح ..  وذكاء .. وانهاك !! .. أول ما دخلت .. لوحت للكهل مبتسمة في ترحيب و في شئ من كد :"سلام عليكم"..تذكرت أنه رحب كمن يعتاد هذا الحوارمشجعا بصوته الجهوري : "ايه الأخبار ؟؟" .. ردت :"يعني".. هي إذن تدخل هنا مرارا و الكهل خفيف الظل جهوري الصوت صادقها بلا تكلف ويساعدها .. نظرت لها وهي تحاول أن تبرر لي مجددا - بلا كلل - شراء الخط المميز وفي أعماقي ضحكة قاسية تتردد مثلما تتردد في مواجهة أمثالها : "تكلمي كما شئتي فلن أشتري شيئا تافها لا أريده بسبب " مسرحيتك " عالية الأداء.. كانت تلملم العلب وتبتسم للكهل مستعدة للرحيل قبل أن أهتف : "لو سمحتي أنا عاوز واحد" .. هذه فتاة شجاعة مناضلة.. بسيطة المظهروالهندام .. حاصلة علي مؤهل عال أو متوسط .. لم تتقدم بعد لمنتصف عقدها العمري الثالث .. تسحل قدميها سيرا تحت شمس يوينو المهولة تدور بين المحال والناس لتجد لقدمها الصغيرة موضعا في قلب الدنيا الساحقة ..أي أناني وضيع ذاك الذي لن يمد لها يدا لأنه يري أنه ليس بحاجة للشئ الذي تبيعه ؟؟ .. ما المقابل الذي تنتظره عندما تعطي حقا ؟؟ .. عندما انكسر " المج " الخاص برفيق الغرفة قلت له: "ما تشتريش .. اوعي".. سأل :" ليه؟..هاجيب غيره بكرة " قلت بقوة : " لا أنا اللي هاجيب " .. يوما كاملا درته أبحث عن مج مناسب .. كتبت اهداء علي العلبة .. أعطيته إياه .. لم أشر للإهداء .. رآه هو .. عانقني .." تعتقد فعلا اننا مش هنتقابل تاني ؟ " سألته .. لم أنتظر ردا بل تابعت " بالنسبة لي أيا كانت الظروف هالاقيك" .. لماذا لم أقل للسيدة أن لا تحزن؟.. ألا داعي للحزن .. لو لم يدخل ابنها كلية الحربية لن تكن نهاية العالم .. لكن بامكانه أن يعتقد هذا وهي أيضا !! .. أردت أن أسألها ألا تحزن وأن تخبره بأنها ليست النهاية كما يعتقد .. أردت أن أسألها عن ابنها و مميزاته و عيوبه ..أن أريها ربما أن ابنها كثير جدا من الأشياء .. لن يحرقها ألايدخل الكلية الحربية .. لكني لم أقل .. اكتفيت بالطمأنة .. و دار الحوار باردا بعدها .. نزلت في نفس محطتي ولم أراها مجددا .. يا للهول .. الشريحة لا تعمل .. سنة فاتت أو أكثر .. لم أتكلم بها مطلقا .. سحبوا الخط ؟؟ .. قال لي أخي : "أكيد سحبوه .. اتصل بخدمة العملا" .. لم أتصل .. لماذا أتصل ..  تذكرت القصة .. لم أتذكر ملامح البنت لكن تذكرت " ما هي " .. ابتسمت ثم ضحكت .. كأني أهديت لها قيمة الخط لأني أعجبت بشجاعتها .. القيمة قيمة الشجاعة أما الخط فسحبوه .. ضحكت كثيرا .. و القطار ينطلق .. أعرف من بداية الرحلة .. ما الذي سيبقي .. و ما الذي سيطويه الطريق

تنويه

ليه بادون؟؟
لاني عاوز اتكلم  ! .. و خلاص ! .. ساعات افتح الشباك لما اسمع صوت المطر .. اتفرج .. و خلاص .. التدوين بيخليك تتكلم في مكان مش معروف فيه .. مع ناس ميعرفوكش .. صحيح هم ممكن يسمعوك و تسمعهم .. و يمكن لأ برده .. لو فتحت الشباك تتفرج علي المطر مش بعيد يكون شباكك المفتوح وحيد .. و الشبابيك التانية مقفولة .. مقفولة جامد .. عادي

ليه مدونة جديدة ؟؟
للتجديد.. بطلت ادون من فترة بسبب ظروف خاصة .." اتجددت " شوية الفترة الأخيرة .. و كتابتي " هتتجدد " معايا.. دلوقتي عاوز ارجع تاني لان التدوين وحشني جدا ..  لكن لاني لقيت ان بلوجر حصلت فيه تطورات كبيرة فانا قررت اعمل مدونة جديدة تواكب التطور الجديد

ليه ما طورتش المدونة القديمة و تابعت الكتابة فيها ؟؟
لانها تاريخ .. كتبت فيها بطريقة معينة .. عاوز أغيرها دلوقت.. لكني متمسك بالشكل القديم .. مش متنكر منه .. عاوزه يفضل كده بعيد وقريب .. أحن له ..  زي ذكريات المدرسة القديمة .. زي اوراق بتحتفظ بيها ..جرايد ..كتب .. صور أوتذاكر.. لأني باحبها حتي علي ال " تيمبليت " القديم و مش عاوز اغيره .. و في نفس الوقت عاوز اغير شكل المدونة واغير شكل كتابتي فكان التوفيق اني اسيب المدونة القديمة علي حالها و اعمل واحدة تانية بشكل جديد

ليه ثابت علي بلوجر ؟؟
لانه بسيط .. و كان البداية .. و باحس ان الناس اللي ثابتة فيه البسيطة برده .. و كانوا البداية برده .. و لأني بسيط

مين بقي انت ؟؟
واحد .. اتولد وعاش في مصر.. عشت و لا زلت في مدينة متوسطة الحجم - بالمقاييس المصرية - في شمال مصر .. اتولدت في 1986 ..

يجوز يكفي المدون يكون انسان .. اما المعلومات التلاتة الاخيرة فبتميز شوية .. يعني اللي اتولد في مصر فيه حاجة مش في  اللي اتولد في ماليزيا اللي فيه حاجة مش في اللي اتولد في شيلي .. و بالنسبة للمصريين اللي عاش في مدينة فيه حاجة مش في اللي عاش في قرية و اللي عاش في القاهرة او اسكندرية فيه حاجة مش في اللي عاش في غيرهم .. و اللي اتولد في 1986 فيه حاجة مش في اللي اتولد في 1966 اللي فيه حاجة مش في اللي اتولد في 2006 .. يكفي كبداية لمدون : أن يكون انسانا موجودا في مكان ما .. و اما العمل و الدراسة و الانشطة و التفكيروالمزاج و الديانة و الحب و الأسرة و الجنون فهي توابع تتسرسب في كتابته عشان تحكيه .. بقدر ما بيسمح لها انها تتسرسب طبعا 

.. كل اللي احب اسرسبه دلوقت 
 ان من اهم الرفاق في ايامي الشاي و الموسيقي و الهم و من اهم الأشياء في حياتي القاهرة و الناس و الصور و من أهم الاماكن في حياتي اسكندرية و سينما جالاكسي ومصر القديمة 

ليه آخر قطرات المطر؟؟
لأن المطر بيخلص طبعا .. لانه بيضيع في الأرض .. و بيجف .. زينا